هل تعرفون إسراء عابد؟ ربما العديد لا يعرف اسمها، لكن مئات الآلاف، إن لم نقل الملايين، شاهدها أمام حفنة من أفراد الجيش الإسرائيلي المسلحين، ببنادقهم ورشاشاتهم، الذين كانوا يصرخون عليها، آمرينها بالتوقف.. وقفت أمامهم.. لم يكونوا واحداً أو اثنين، بل مجموعة من الجنود الصهاينة على مقربة منها، وسط كر وفر لبعضهم، وكأن الرعب دبَّ فيهم.. فجأة وخلال ثوان، أطلق أحدهم عليها الرصاص، فخرَّت قتيلة بمكانها.
شهيدة أخرى تسقط على أرض فلسطين، عمرها لا يتعدى التاسعة والعشرين، وأم لثلاثة أطفال، أرداها الصهاينة بدم بارد، وكأنهم أمام حيوان أو أقل من ذلك، مسلحين حتى بأسنانهم، يُطلقون النار، بعد أن تلقوا أوامر نتنياهو «العقلاني»، بقتل أي فلسطيني قد يُشك في أمره، أو يعتقد أنه يحمل سكينا، لطعن إسرائيلي أو مستوطن.. لقطة مصوَّرة لم تدم سوى بضع ثوان، لكنها تكشف بوضوح الوحشية الإسرائيلية بأبشع صورها.. جنود يحيطون بإسراء، التي سرعان ما خرَّت على أرض فلسطين، وخضبتها بدمائها..الصهاينة أصيبوا بسعار القتل لكل مَن يحمل سمات العربي.. القتل لمجرَّد الظن والتخمين، وبات الكبس على الزناد أسهل حركة لديهم، وهذا لا يحتاج لقوة عضلية.
ربما الآخرون يعرفون جون كيربي، وربما التقوا به في اجتماعاتهم مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري.. كيربي، هو المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية، الذي ظهر يوم الجمعة الماضي، معلقاً على الهبة الجماهيرية في الضفة الغربية، واصفا عمليات الطعن التي يقوم بها بعض الفلسطينيين بـ «العمل الإرهابي»!.. هكذا وصف عمليات الطعن المحدودة، التي جرت في الضفة الغربية.. أما القتل بدم بارد والاعتقالات وهدم المنازل والكثير من الممارسات الصهيونية، فلا ترى فها الولايات المتحدة أي عدوان أو إرهاب، مادام القاتل يهوديا والمقتول عربياً. وحين سُئل عن قيام مستوطن إسرائيلي بطعن أربعة فلسطينيين، اثنان منهم من عرب إسرائيل، تهرَّب من الإجابة، قائلا إنه لا يمتلك معلومات عن الحادث.. هذا هو الرياء الأميركي، والمشارك فعليا في الجرائم الإسرائيلية، يتواصل ويزداد على مدار العقود.. ولايزال البعض متعلقا بتلابيب أميركا، لعلها تمنحه شيئا، ولو الفتات.