كتب: محمد الغربللي
لا نتحدث هنا عن فندق «فطوم حيص بيص» في حارة «كل من إيدو إلو» في المسلسل الكوميدي السوري الشهير «صح النوم»، الذي أُنتج في بداية السبعينات، وكان للفنانين السوريين دريد لحام ونهاد قلعي دور البطولة فيه، وذاع صيته، نظرا للمواقف الكوميدية التي جرت في تلك الحارة، مع بقية أبطال المسلسل. لن نتحدث عن هذا المسلسل، بل عن هذه «الحرب» الدائرة في المجال الرياضي بين الأطراف النافذة، التي اتخذت عدة أوجه، بدايتها إيقاف النشاط الكروي في الخارج، ووقف المشاركة في المسابقات القارية والدولية على مستوى الأندية الرياضية أو المنتخبات الوطنية، وقد يشمل هذا الإيقاف جميع الألعاب الأخرى التي تشارك فرقها في الخارج ضمن مسابقات عالمية.
أتى بعدها تعيين مراقب يحمل الجنسية والجواز الإسرائيليين لمراقبة دورة الرماية الآسيوية، وقد يكون هذا التعيين متعمدا من الاتحاد الدولي للرماية،.. وكما كان متوقعا، تم رفض منح «الفيزا» لهذا المراقب، ما أدى إلى سحب الاعتراف الدولي من هذه المسابقة، وقد يكون ذلك بفعل ذات «الأيادي» التي عملت على الدفع بهذا التعيين.
الحكومة ردَّت بهجمة مضادة في هذه الحرب الدائرة، فتشت عن أوراقها، ووجدت ضالتها التي قد تكون نافعة، عادت إلى دفاترها القديمة إلى ما قبل اثنتي عشرة سنة، وتحديداً في عام 2003، ونبشت التجاوزات المالية التي حدثت في «خليجي 16».
لم يكن لديها مانع من الصمت المطبق طوال تلك السنوات، حتى صحت أخيرا، لتقدم هذه التجاوزات للنيابة.. كما لا مانع لديها أيضا من وقوف وزير الإعلام وزير الشباب والرياضة في إحدى جلسات مجلس الأمة، لكي ينفي وجود أي تجاوزات في «خليجي 16»، وإذا كان الكلام يطير في الهواء، إلا أن مضابط مجلس الأمة تشير إلى أن الوزير صاحب هذا النفي الذي برَّأ الساحة، هو ذاته الذي يقود أصحاب «خليجي 16» للنيابة.
إذن، هي في النهاية هجمة مضادة قد تنفع وتثير الحماس، أو تضيع الفرصة، ولا تسجل أي هدف في مرمى الخصم.
إذا كانت المباريات الرياضية محددة بزمن أو نقاط، فإن «مبارياتنا» مستمرة، من دون زمن محدد، ومن دون نقاط.. وهكذا، وصل الموضوع إلى مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، الذي اتخذ قرارا بالتنسيق ما بين وزارة الدولة لشؤون الشباب ووزارة الخارجية والجهات ذات الارتباط، بوقف الاتفاقية التي صدرت بقانون رقم 2006/6، التي وافق عليها مجلس الأمة آنذاك، وبالتالي، إنهاء العلاقة مع المجلس الأولمبي الآسيوي، مع ما يترتب على ذلك من آثار.. بمعنى آخر، سحب جميع المباني الخاصة بهذا المجلس، الذي كلف الملايين، علماً بأن عقد الاستثمار يمتد حتى نهاية عام 2024.. وإلغاء العقد المبرم ما بين الطرفين، يعني الدخول في أروقة المحاكم بمختلف درجاتها، وقد تكون دوائر قضائية كويتية، أو حتى خارجية، وقد يعني في حال الانسحاب من طرف واحد، دفع تعويضات مالية كبيرة قد تتحمَّلها ميزانية الدولة.
سيناريوهات متعددة لا يمكن حصرها، لكنها في نهاية المطاف تعكس حربا دائرة أطرافها كبار نافذون، جذورها سياسة امتدت كجذور «الكونوكاربس»، لتشكل المجال الرياضي، وفي النهاية الضحية هي الكويت، كدولة وشعب وشباب رياضي.. هذا القطاع الذي أشبع فساداً وسكوتاً منذ سنوات، وما إن بدأت الحرب، حتى نالها ما نالها فوق أوضاعها المتردية السابقة.
أمام إجراءات الحكومة تجاه الرياضة والتجاوزات التي حاقت بها، لا يمكننا إلا القول «صح النوم» حقا، والبلد صارت كحارة «كل مين إيدو إلو».