الرئيسية » عربي ودولي » الأزمة دخلت عامها السادس : سوريا تنتظر حلاً

الأزمة دخلت عامها السادس : سوريا تنتظر حلاً

آثار الدمار في سوريا
آثار الدمار في سوريا

دخلت الأزمة السورية عامها السادس، ولاتزال ملامح الحل غامضة، رغم تسارع الأحداث والمتغيرات السياسية والأمنية داخليا وإقليميا.

وفيما تواصل القوى الدولية والإقليمية صراعها ومفاوضاتها المستعصية، للتوصل إلى تسوية سياسية سلمية للأزمة، تتواصل معاناة الشعب السوري على أكثر من صعيد، سواء بالنسبة للعالقين في الداخل، أو لمن غادروا البلاد، فرارا من وطأة الحرب القائمة.

ويتزامن ذلك مع «هدنة غير مسبوقة» بين النظام والمعارضة يصعب التكهن بصمودها، لكن تعول عليها القوى الدولية للدفع في اتجاه حل سياسي لحرب مدمرة تسببت في أزمة لاجئين ضخمة تجتاح أوروبا.

وتتزامن ذكرى اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد في منتصف مارس 2011 مع جولة محادثات سلام تعقد في جنيف برعاية الأمم المتحدة، وسط ضغوط من الدول الكبرى، سعيا إلى حل لنزاع أسفر عن مقتل أكثر من 270 ألف شخص، وتشريد نصف مليون سوري داخل البلاد وخارجها، ما انعكس أكبر أزمة للاجئين في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

عام التحولات

ويعد عام 2015 عام التحولات الكبيرة في النزاع السوري، إذ شهد تدخلا روسيا جويا نجح في تغيير المعطيات العسكرية على الأرض لمصلحة قوات النظام، ولعب دورا في التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال القتالية يستثني تنظيم داعش وجبهة النصرة اللذين يسيطران على أكثر من نصف الأراضي السورية.
وساعد هذا التدخل النظام، الذي كان مُني في السنوات السابقة بخسائر فادحة، على تمكين سيطرته على «سوريا المفيدة»، وهو الاسم الذي يطلق على المناطق التي تضم العدد الأكبر من السكان، والتي تشمل دمشق ومناطق في وسط وغرب البلاد تتمتع بتواصل جغرافي.

وتسيطر قوات النظام حاليا على 30 في المائة من الأراضي السورية، حيث يعيش أكثر من 60 في المائة من السكان الموجودين في البلاد.
وسمحت الهدنة الحالية بتحديد موعد للمفاوضات التي تم الاتفاق على أن تتركز على تشكيل حكومة جديدة وصياغة دستور جديد للبلاد وتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية، إلا أن الهوة لا تزال كبيرة بين القوى الكبرى.

وتدرك واشنطن وموسكو أن عدم التوصل إلى حل سياسي سينهي اتفاق الهدنة، لكن إذا لم تتعزز الهدنة باتفاق سياسي، فالقتال سيعود تدريجيا.

وساهمت أزمة المهاجرين في تغيير الأولويات، ولا سيما بالنسبة للغربيين الذين كانوا يطالبون في بداية النزاع برحيل الأسد الفوري. فالهاجس الأوروبي المتعلق بتدفق اللاجئين كان أحد العوامل التي دفعت نحو إعادة النظر في السياسات في سوريا، وجعلت من فرض الاستقرار على المدى القصير أولوية مطلقة، على حساب أهداف أخرى سياسية أو استراتيجية.

حروب بالوكالة

وهزت صور مروعة لجثث أطفال على الشواطئ العالم، بعد غرق مراكب كانوا يسافرون فيها بطرق غير قانونية، وما لبثت أن أغلقت الحدود الأوروبية أمام عشرات الآلاف من الفارين من الحرب بحثا عن الأمان.

ومع مرور الزمن، يزداد المشهد السوري تعقيدا، فإلى جانب جبهة القتال بين قوات النظام المدعومة من مجموعات لبنانية وعراقية ومقاتلي المعارضة اليوم، هناك جبهات قتال بين تنظيم داعش، الذي يضم بين صفوفه العديد من المقاتلين الأجانب والنظام، وبين الجهاديين ومقاتلي المعارضة، وبين هؤلاء والأكراد، وبين الأكراد وتنظيم الدولة الإسلامية.

وتعكس بعض هذه المواجهات توترا ذا بُعد مذهبي واضح بين السعودية الداعمة للفصائل المعارضة وغالبيتها سُنية، وإيران الشيعية الداعمة لدمشق وحليفها حزب الله اللبناني.

ودمر النزاع البنى التحتية للبلاد، إذ تؤكد التقارير أن أكثر من نصف مساحة البلاد تم تدميرها، وأنه تم استهداف 700 منشأة صناعية في سوريا وسبعة ملايين وحدة سكنية، ويعد هذا رقما ضخما قياسا بمساحة البلاد وعدد سكانها، ففي حلب ابتلعت الحرب نصف منازل المدينة، التي تقدر بنحو 424 ألف منزل، وتحتاج إلى إعادة بناء أو ترميم بقيمة 187 مليار ليرة (1.2 مليار دولار)، وفق تقارير لبعض الجهات المستقلة، ثم جاء ريف دمشق ثانيا بـ303 آلاف منزل مهدم، تحتاج إلى إعادة بنائها لـ145 مليار ليرة، ما يعادل 950 مليون دولار، وحمص ثالثا، بعدد منازل بلغ 200 ألف منزل، تحتاج إعادة بنائها إلى نحو 97 مليار ليرة (630 مليون دولار)، تلتها إدلب 156 ألف منزل، ودرعا 105 آلاف منزل، ودير الزور 82 ألف منزل، وحماة 78 ألف منزل، والرقة 59 ألف منزل. وهو ما علق عليه المراقبون، بقولهم إن «الشعب السوري يبقى ضحية تصفية الحسابات بين القوى الكبرى».

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.