الرئيسية » أحمد الفريح » أحمد علي الفريح : الاتحاد بين دول الخليج.. في الميزان!

أحمد علي الفريح : الاتحاد بين دول الخليج.. في الميزان!

من المتبادر إلى الذهن، بداهة وتعقلاً، أن أي عمل يزمع الإنسان القيام به لابد أن يفكر في عواقبه، وإلا كان مردوده عليه سيئاً إذا لم يتبصر مؤداه، هل هو في مصلحته أم في خلافها؟
من هذا المنطلق، لو تم وضع فكرة الاتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي في الميزان، لبدا الآتي:

أولاً:
لن يزيد ذلك قدرات تلك الدول الدفاعية شيئاً، والأمثلة واضحة كوضوح الشمس في يوم صحو، في وسط النهار، فقد احتل العراق الصدامي الكويت في ست ساعات، ولم تستطع دول الخليج ردع الجيش العراقي الغازي.. لا، بل حتى لم تحاول القيام بشيء حينها، ولا حتى ببيان استنكار، خوفاً من بطش صدام.
ولعل لبنان والمغرب سبقتهم في إصدار بيان تشجبا فيه الغزو والاحتلال.
ثم إن معرفة دول مجلس التعاون معرفة تامة تؤكد أن لا طاقة لها بجاراتها في محيطها الإقليمي، والدليل على ذلك اتفاقيات الحماية مع الولايات المتحدة.

ثانيا:
سيحدث مثل هذا الاتحاد، ولو (كونفيدراليا) – أي تحتفظ كل دولة فيه بسيادتها – إرباكاً اجتماعياً سياسياً في بعض هذه الدول، وبالأخص الكويت. هذا الإرباك الذي سيتمثل في زعزعة الاستقرار الوطني وعودة حالة من أشد ما يكون من الاحتقان السياسي، والسبب معروف وجلي، فالكويت كشعب ومجتمع لديه من حرية التعبير والمطالبات السياسية الاجتماعية، ما لا يقاس على خُمسه أو عُشره، في أي من الشعوب والمجتمعات في الدول الخليجية الأخرى.

والسبب أن متطلبات الاتحاد (مع الاحتفاظ بالسيادة)، ومهما كان التأكيد على استقلالية السيادة، لابد أن تؤثر حتماً في جو المشاركة الشعبية في صُنع القرار السياسي، فعلى سبيل المثال، لو أرادت دول الخليج الالتزام بموقف أو تعديل وضع في شؤون داخلية في ما يكون من أساسيات الاتحاد من أجله، فحتما ستقرر حكومات تلك الدول فوراً، الالتزام الجماعي بشأن ذلك الموقف أو التعديل.. أما الكويت، فلا يمكنها ذلك، إلا بالرجوع إلى رأي الشعب، والذي يمثله رأي أعضاء ممثليه، نواب مجلس الأمة، وقد يرفض الشعب الكويتي خيار حكومات الدول الخليجية بصدد ذلك الموقف المطلوب اتخاذه.

فماذا ستكون النتيجة المؤكدة في مثل هذه الحالات؟ بالطبع، سيحتم ذلك على بيت الحكم في الكويت إما الانسحاب من ذلك الاتحاد الخليجي، إذ لا يُعقل مُتّحد مع وقف التنفيذ.. وهذا له مآلات لا تحمد عقباها في العلاقات مع دول الخليج، وأقصد الانسحاب، أو حتى عدم الدخول في إجماعهم في قضية مما هي من صُلب مقومات الاتحاد!

أما الخيار الثاني لبيت الحكم في الكويت إذا لم ينسحب أو لم يوافق على قرار مجلس الأمة المخالف لإجماع حكومات الدول الخليجية في تلك القضية، فمعناه النحو بمنحى يقتضي وأد حقوق الشعب الكويتي السياسية والاجتماعية.. وكفى بهذه طامة كبرى ومدعاة لغليان وجحيم سياسي في الكويت!

فالأفضل.. لا، بل واللازم، ومن أحزم الحزم، تجنب التورُّط في أمر لا يعلم مدى ضرره والمصيبة التي يجلبها إلا الله، تبارك وتعالى، وإشعار الإخوة الملوك والأمراء في دول الخليج العربية (مجلس التعاون).. وبكل أريحية وتلطف وتأسف.. باعتذار الكويت واستعفائها من المشاركة في الاتحاد الخليجي المروم الشروع فيه.. هذا ما نتمناه من أمير البلاد.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.