الرئيسية » أحمد الفريح » أحمد الفريح : كيف نؤثر في القرار الأميركي؟!

أحمد الفريح : كيف نؤثر في القرار الأميركي؟!

من دون مقدمات، تقتات الإدارة الأميركية على الاستثمارات العربية إلى حد كبير، وذلك أن تلك الاستثمارات، أياً كان نوعها، محكومة بضرائب ورسوم تتحصلها الحكومات المحلية، إدارات الولايات، أو تذهب مباشرة إلى الحكومة الاتحادية الفيدرالية، في واشنطن.

وبالتالي، فأي محاولة من المستثمرين العرب، وخاصة الدول العربية، لأن حجم الاستثمار كبير جداً مقارنة بمجموع استثمار الأفراد، وبالأخص الدول الخليجية منها، حيث إن أكثر الدول العربية الأخرى تحت مظلة المساعدات الأميركية.. أي محاولة لنقل هذه الاستثمارات إلى دول أخرى، سيحدث أزمة اقتصادية في الولايات المتحدة، وبالذات في الوقت الحاضر.. إذ تعاني مشكلات اقتصادية خانقة. أضف إلى ذلك، أنه سيثير أزمة سياسية، فاستياء مجاميع الشركات الأميركية الضخمة (الكارتلات)، التي تعول على تمويل هذه الاستثمارات لها في نشاطها، وما يترتب على ذلك من تسريح للعاملين في تلك الشركات توفيراً للمصاريف.

كل ذلك سيشكل ضغطاً هائلاً على الإدارة السياسية الأميركية، ما يجعلها تتجاوب تجاوباً إيجابياً، وربما فورياً، مع مطالب الدول المستثمرة.

وهذا الكلام، أو المقولة، ليس قائماً على مجرد تفكير ذهني، وإنما هو مدعوم بأدلة من الواقع، من سلوك الإدارة الأميركية على وجه الخصوص.. ومن سلوك سواها من الإدارات السياسية في البلدان الأخرى بصورة عامة.

فقد امتنعت الولايات المتحدة عن ضرب القاعدة بعد حوادث تفجير سفاراتها في أفريقيا، حيث كانت الفرصة مهيأة، وتمركز أسامة بن لادن بقواته وقوات «طالبان» مكشوف سهل المتناول، لكن المانع كان العلاقات القوية بينه وبين دولة الإمارات، حيث شيوخ الإمارات يأتون للتسلية بهواية القنص في صحراء أفغانستان.. بضيافته وحمايته، وفي الوقت ذاته كانت دولة الإمارات تعقد صفقة عن طريق الشيوخ المذكورين مع الولايات المتحدة لشراء طائرات («ف» 15 أو 16) بملايين الدولارات.. وهذا موثق بالصورة والصوت عرضته القناة الخامسة الفرنسية التي تبث على قمري النيل والعرب الصناعيين.
الدليل أو الشاهد الآخر، في أثناء حرب الخليج الأولى (الحرب العراقية – الإيرانية).. لمّا رفضت فرنسا تزويد العراق بناءً على طلب دول الخليج العربية، بمقاتلات قاذفة استراتيجية تشابه في ميزاتها الطائرة الأميركية الخفية (F117 – B1 – B2)، مؤكدةً أن هذه الطائرات لحماية الأمن القومي الفرنسي، وسر سلاح الجو الفرنسي، فما كان من دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والكويت، إلا أن هددت فرنسا بسحب الاستثمارات، ونقلها إلى بلد آخر غير فرنسا.

وأمام هذا التصرف، ما كان أمام الإدارة السياسية الفرنسية إلا أن أجّرتها، مكرهةً، للعراق.. وهذا معروف ومشهور ذكرته الصحف الكويتية في حينه.. في الثمانينات، وخاصة أن هذه الصحف في صف العراق، إلا ما شذ وندر.

الأمر الآخر، الذي يؤثر في القرار الأميركي، هو الدخول إلى الساحة السياسية الأميركية الداخلية، وذلك عن طريق دعم مرشحي الرئاسة في حملاتهم الانتخابية.. وكذلك مرشحي مجلسي الشيوخ، خاصة من الأميركان الأفارقة – ادعموا حملاتنا الانتخابية، يقصد بالمال، نحقق مطالبكم – إذا فزنا.

وهذا تداوله الإعلاميون والباحثون السياسيون العرب في الغرب والمُعَوَّل فيه على الولايات المتحدة بالذات.. وعرضت تلك الحوارات قنوات عربية مشهورة في الغرب وعند العرب كذلك.
وهنا لابد من ملاحظة مهمة نميز بها مرشحي رئاسة أميركا عن مرشحي المجالس النيابية (الشيوخ، النواب، المختلط «الكونغرس»).. بأن الدعم الأفضل في الانتخابات الرئاسية دعم كلا المرشحين النهائيين لكل من الديمقراطيين والجمهوريين.. حتى أيهما يفوز.. تفوز العرب بمطالبها.

بينما ذلك ليس شرطاً في الانتخابات غير الرئاسية، لأن الأمر قد يكون مكلفاً، لكثرتهم ولافتاً للنظر- وإنما الأحسن التعويل على من يبدي استعداداً أكبر، كالأميركان الأفارقة، الذين تميزوا عن الأميركان الأوروبيين في هذه الناحية – كما أسلفنا.

هذه هي الطريقة العملية للتأثير على القرار الأميركي التي أكدها الواقع وما سواها فضيحة دونما أي أثر، مثلما فعلت السعودية برفضها مقعداً في مجلس الأمن.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.