نعم للاتفاقية الأمنية، إذا كان لجميع دول مجلس التعاون الخليجي دستور نابع من إرادة شعبية حقيقية مستقلة. نحن مع الاتفاقية، إذا أصبحت شعوب الخليج حُرة تقرر مصيرها، من دون وصاية من أحد، وتملك حق التصرُّف بثروات ومقدَّرات بلدانها، وتختار حكوماتها وممثليها في البرلمان بطريقة ديمقراطية.
نحن مع الاتفاقية، إذا حفظت حكومات الخليج كرامات شعوبها، واعتبرتهم شركاءً، وليس أتباعاً لأسر حاكمة.
نحن مع الاتفاقية، إذا سنت قوانين وتشريعات تحمي حريات الشعوب السياسية والاجتماعية وتصون حقوق الإنسان.
نحن مع الاتفاقية، إذا ما رأينا قضاءً خليجياً عادلاً مستقلاً يقف أمامه جميع المتقاضين على السواء، فيكفل لهم الحصول على محاكمات عادلة، وينفذ حكمه على الجميع من دون تمييز ولا محاباة.
تابعنا خلال الأيام الماضية بعض التصريحات والمقالات لسياسيين وأعضاء في الحكومة والبرلمان حول الاتفاقية الأمنية الخليجية، والتي وقعها وزير الداخلية الأسبق، وأتت بها الحكومة للتصديق عليها من قِبل مجلس الأمة، استكمالاً للإجراءات الدستورية المطلوبة.
وقد لاحظنا أن هناك حملة إعلامية وضغوطاً لتمرير هذه الاتفاقية المعيبة المناقضة للدستور والمنتهكة لسيادة الوطنية، والتي تهدد – أيضا – المواطنين بالملاحقة من قِبل السلطات الأمنية الخليجية في عقر دارهم، بمجرد أن تشتبه بهم سلطات تلك الدول، وهو ما يحرم – بالطبع – كل مواطني الخليج من الشعور بالأمان داخل أوطانهم، بل حتى في مساكنهم.
والمأساة الأكبر أن مسؤولينا حاولوا – بسذاجة- التلاعب بالكلمات والعبارات، لتجميل نصوص هذه الاتفاقية، وتصويرها كأنها مكسب، وأنها لا تتعارض مع الدستور، وهذا غش وخداع للمواطنين السذج، لا يمكن أن ينطلي على المتابعين العارفين من ذوي الخبرة من قانونيين ونشطاء سياسيين.
نحن اليوم أمام تحدٍ كبير وخطر داهم يهدد سيادتنا وحقوقنا التي كفلها دستورنا ومكتسباتنا، التي ما فتئت السلطة منذ الاستقلال، وهي تحاول من دون كلل أو ملل، أن تسلبها، إلا أن هذه المرة بمحاولة إدخالنا القفص مع الآخرين.
ما نسمعه من همس حول موافقة العديد من أعضاء مجلس الأمة الحالي على هذه الاتفاقية يزيدنا خوفاً من نجاح الحكومة في تمريرها، وإضفاء الصفة الدستورية عليها.. لذلك، فإننا ننبه إلى أن التصدي لهذه الاتفاقية ومنع تمريرها واجب ومسؤولية وطنية يجب أن يتحمَّلها الجميع من دون تردد، حتى لا تقع الفأس بالرأس، وحينها لا ينفع الندم.