الرئيسية » عبدالله التميمي » عبد الله التميمي : البنك الدولي وصندوق النقد وأدوات الابتزاز الدولية

عبد الله التميمي : البنك الدولي وصندوق النقد وأدوات الابتزاز الدولية

عبدالله التميمي
عبدالله التميمي

كثيرة هي الدول التي تنتظر دعماً اقتصادياً دولياً، وربما يتدخل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لدعمها، وربما لا يدعماها، رغم كونها عضوا في الصندوق والبنك، فكيف تكون عضواً، وتجد أن دولتك لا تأخذ قرضاً من الصندوق؟ ومن المهم أن تعلم كيفية إدارة الأمور داخل مثل هذه المنظمات الدولية.. فلربما بعد أن تعرف كيفية الإدارة.. ستقول «هذه منظمة ابتزاز»، وليست منظمة تدعم «الإنسانية» كما تدعي!

في العديد من المواقف، وضع صندوق النقد الدولي اشتراطات لدول كانت تطلب مساعدات من الصندوق، وربما لا توافق هذه الدولة على هذه الشروط، وحصل هذا في حوادث شهيرة، كالذي حصل مع مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق، ولمصر في الأحداث الأخيرة.

تتضمَّن هذه الشروط وجهات نظر، يغلب عليها الطابع «الأميركي»، حيث إنها من الخارج تأخذ طابع «الإصلاحات السياسية»، ولكنها تبقى وجهة نظر أجنبية، ولا تمثل شعوب هذه الدول، لذلك تضطر الكثير من الدول لرفض أخذ قروض من صندوق النقد أو البنك الدولي، لأنها لا تستطيع الالتزام بتلك الشروط، التي هي من وجهة نظرها، «تدخل في سيادتها»، و»فرض وجهة نظر أجنبية».

يبرر البعض هذه السياسات للصندوق والبنك، بحق الولايات المتحدة التصويتية داخل المجلس التنفيذي، حيث إنها تدعم الصندوق والبنك بـ 17 في المائة من حصته، لذلك لديها 17 في المائة من قوة التصويت داخل المنظمتين، وتتوزع بقية الحصص بين الدول ذات الاقتصادات الكبرى، والدولة العربية الوحيدة بينها هي السعودية، بنسبة 2.7 في المائة، وبقية دول العالم، البالغ عددها 165 دولة، كلها تمتلك فقط 31 في المائة من قوة التصويت! ومساواة الدول التي لا تدعم منظمات الأمم المتحدة ببقية الدول التي تدعمها، مساواة مجحفة، حيث إن الولايات المتحدة تستمد قوتها التصويتية من دعمها المادي الكبير.

ولكن، ما الاشتراطات التي تحاول أن تصدّرها الولايات المتحدة من خلال الصندوق والبنك؟ أليست هي التي تقول إنها توصل رسالة الإصلاحات السياسية المتمثلة بالتعددية والديمقراطية والمشاركة السياسية المضمونة لجميع الفئات الاجتماعية؟

فهل يصلح أن تكون أنت دكتاتوراً وتقول للعالم كونوا ديمقراطيين؟

السياسة التي يسير عليها البنك والصندوق معاكسة للسياسة التي تحاول الأمم المتحدة إيصالها في رسالتها «الإنسانية»، فرسالة الأمم المتحدة هي التعددية والمشاركة السياسية الفعالة، ولكن سياستها الحقيقية على أرض الواقع في التصويت في منظماتها هي «من يملك المال» يملك الحق!

وعليه، فلا يحق للصندوق أن يعترض على أي دكتاتور اشترى السلطة بأمواله وأخضع الدولة بالمال، ولا يحق لها أن تشترط عليه التعددية الكاملة والمساواة في التصويت، فيقول لها هذا الدكتاتور «لا تنه عن خلق وتأتي مثله».

فيجب ألا تكون الحصص التي تأخذها الأمم المتحدة من الدول محل «منة» تساوم عليها تلك الدول، لتنحرف بميثاق الأمم المتحدة عن مساره، وإلا، فليغيروا اسمها من الأمم المتحدة إلى «شركة الدول الاقتصادية الكبرى المتحدة».

بل يجب أن تكون الدول ذات الاقتصادات الكبيرة مُلزمة أخلاقياً بهذه الحصص، فلولا العمال في الدول الفقيرة، لما استطاعت هذه الدول أن ترتقي بشركاتها التي استمدت الكثير من قوتها من دم وعرق العمال في إندونيسيا وبنغلاديش والفلبين، ولما صعدت باقتصاداتها، لولا الذهب الأفريقي الذي يؤخذ من سكان أفريقيا بفضل الحكام الدكتاتوريين الذين تدعمهم السلطات الغربية باستمرار في أفريقيا، ولما كانت شوارع لوس أنجليس ستشتهر ببيع أفضل أنواع الملابس القطنية «المصرية»، لولا أن الغرب دعم باستمرار تأخر الشعب المصري ليبيع قطنه بأبخس الأسعار إلى فرنسا، ليعاد تصنيعه ويُباع كماركة فرنسية مصنعة. فأقل ما يمكن أن تفعله هذه الدول لتعوض القليل من إثمها بحق شعوب العالم، هو أن تلتزم بحصصها المادية اتجاه الفقراء في العالم بلا منة منهم.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.